• ٢٣ كانون أول/ديسمبر ٢٠٢٤ | ٢١ جمادى الثانية ١٤٤٦ هـ
البلاغ

دور القيم في ثقافة المجتمع

محمود الربيعي

دور القيم في ثقافة المجتمع

التغير الحاصل في القيم الاجتماعية والإنسانية

هل يكفي التقدم المادّي والإنتاجي في تحقيق سعادة الإنسان والمجتمع؟ أم يجب أن تصاحبه حياة حرة عادلة وكريمة.. وهل استخدام أسلحة الدمار الشامل وإشاعة الخوف شيء حضاري، أو أنّ التقدم العلمي والتكنولوجي يجب أن يكون متلازماً مع تشتت الأُسر وتفكك النظام العائلي! وهل من الحضارة أن تعشش الجريمة ويعم الفساد في المجتمع؟!

 

تأثير الثورة الصناعية في حياة المجتمع وقِيَمه

ممّا لاشك فيه أنّ الحياة المدنية قد تغيرت بعد الثورة الصناعية.. ففي ظل الاختراعات والاكتشافات طغت الحياة المادّية وشاعت نظرياتها كما حصل ذلك في كلّ من المجتمع الرأسمالي والاشتراكي وكذلك في سلوك الأُمم والدول أثناء حكم الإمبراطوريات في العالم قبل أكثر أو أقل من ألف عام.

 

أثر الصناعات والاكتشافات في السلوك الإنساني والاجتماعي

 إنّ ما حصل من امتدادات مادّية حادة ومنحرفة كان بسبب الغرور الذي أصاب الإنسان بعدما حقّق إنجازات مهمّة في عالم الصناعة والاكتشاف، ولم تعد للقيم الروحية أية آثار في نفوس الناس ولقد أحدث ذلك شرخاً في النظام العائلي الدولي، ولقد أدى ذلك إلى تهديد القيم والتقليل من قيمتها وزاد من فرص انتشار الفساد ونسب حدوث الجرائم كما قلل من فرص التضامن الاجتماعي، وبذلك تحوّلت المشاعر نحو الحكّام الجُدد للعالمين الرأسمالي والاشتراكي ليكونوا لهم عبيداً بعد أن كانوا أحراراً.

 

الأهداف السامية لرأس المال

ويجتهد الإنسان في سبيل تحصيل المال وتنميته باعتباره عصب الحياة، ولكن المال بحد ذاته يعتبر وسيلة وليس غاية ولابدّ من تحصيله بطريق مشروع لا على حساب استغلال الآخرين، فالمال وسيلة للحصول على متطلبات الحياة ويتحقّق ذلك وفق قاعدة لا ضرر ولا ضِرار، ولابدّ لهذا المال أن يجمع بالاجتهاد وبما يتماشى مع القانون والنظام العادل.

 

 القيم الفاضلة

ولقد شهد العالم نمطاً من التمرد على القيم المتعارف عليها ممّا شجّع على تغيير طريقة الحصول على الثروة حيث لجأت الشركات والدول إلى الهيمنة على ثروات الشعوب بسبب الثورة الصناعية والتقدّم الذي أحرزته الصناعات الحربية الأمر الذي زاد من فرص استغلال الشعوب، ولقد كان أحد آثار هذه الثورة إضعاف النظام العائلي وتشجيع العلاقات غير الشرعية بدلاً من التشجيع على الزواج، وإشاعة النزعة الوجودية، وإضعاف رقابة الضمير، وفرض القيود على الحقوق الخاصة للآباء بتفكيك الأسرة وإضاعة عنصر التوزيع الإداري والإشرافي داخل الكيان الأُسري ممّا أضعف عملية بناء القيم بعد أن استبدلت سلطة الآباء بسلطة الدولة والتي فرضت هيمنتها وقوتها على الأفراد تحت مسميات قانونية.

 

خاتمة

ازدواجية فلسفة الحكم في معايير النظام العالمي (الدولي)

إنّ السياسة الدولية باتت اليوم بأيدي غير أمينة فهي تفتقد للعدالة وتستند إلى القوّة وشريعة الغاب، كما أنّها تنتهج فلسفة حكم ونظام يستند إلى المعايير المزدوجة والنفاق لم يستطع توفير الحقّ والسلام كما لم ينجح في التوافق والتوفيق بين الشعوب، فهي ذات طبيعة عدوانية واستغلالية، فهي وإن تحكمت في مصائر الشعوب إلّا أنّها لن تقوى على الاستمرار في هذا النهج، وكم من الحضارات سقطت بعد علو نجمها، والشعوب في هذه الأيام بحاجة إلى زيادة في الوعي وسلوك طريق التنظيم واعتماد الوحدة رغم الظروف التي تمرّ بها وهي أحوج ما تكون إلى استعادة قابليتها على التوحّد وجمع الشتات واعتماد الكفاح والعمل المنظَّم الذي يحقّق استقلالها ببناء القيم الفاضلة واعتماد الموروث الفكري والثقافي بما يحقّق لها الاستقلال والحياة الحرة الكريمة.

ارسال التعليق

Top